محمد تقلا..قصة نجاح في منطقة مهمشة

  • تاريخ النشر: الجمعة، 02 سبتمبر 2022 آخر تحديث: الإثنين، 26 ديسمبر 2022
محمد تقلا..قصة نجاح في منطقة مهمشة

نادراً ما يُسلّط الضوء على نجاحات وإنجازات أبناء المناطق البعيدة كالشمال والبقاع وغيرها، لما فيهم من تهميش وقلّة اهتمام. ويعود تاريخ الحرمان هذا الى الأزل، فلا عناية طالتهم منذ البداية ولا دراية عليهم حتى الآن. لعلّ السؤال الأبرز الذي يطرأ إلى أذهاننا عند سماعنا قصة نجاح شخص، هو "من وين؟". لا يمكننا نكران تكرار هذا السؤال على مسامعنا، وحالة الصدمة التي تليه ما إذا كان الجواب "الشمال، عكار، الضنية، البقاع، بعلبك". 

 محمد تقلا، ابن بلدة بيت الفقس في سير الضنية التي تُعرف ببلدة الشعر وتضم عشرات الشعراء والأدباء، هو واحدٌ من أصحاب قصص النجاح هذه. يعمل محمد كمنتج موسيقي لنوعٍ مختلف من الموسيقى يُحاكي الحياة بطابعها العام، ويُرسل الطاقة الإيجابية حيث يستخدم النمط التحفيزي. 

موسيقى "الهاوس" هي النوع الذي ینتجه محمد، حیث وصفھا الأخیر في حدیث خاص مع "البلد اونلاین" بأنھا موسيقى تعبيرية تعتمد على العزف أكثر من الغناء والكلمات لما تحتويه من معاني وصور تفرض على المستمع استرجاع ذكرى أو حدث أو موضوع معين، وعلى عكس ذلك تأتي الموسيقى الخالية من الغناء والكلمات لتحرر المستمع وتترك لمخيلته الحرية،  لترسم الصورة والقصة التي تتناسب مع شخصيته.

تجمع هذه الموسيقى كل أنواع الآلات الموسيقية الشرقية والغربية من مختلف الثقافات. في أوائل الثمانينات كانت بداية نشأة هذا النوع من الموسيقى، لم يكن هناك الكثير ممن يفهمها، أما الآن فعشاقها في تزايد باستمرار، للأسباب التي ذكرت وكذلك لتماشي هذا النوع مع كل من يبحث ويتأمل في الذات والكينونة والتعمق في تجلياتها. تلعب هذه الموسيقى على سرعة (120 - 128 BPM). علاقة محمد والفن قدیمة منذ الصغر، فقد اكتسب ھذه المھنة من أھله المنخرطين في الفن والشعر .حياة الريف المرتبطة بمسقط رأسه لعبت دوراً أساسیاً في دخوله ھذا العالم وترجمة أحاسیسھم وما یمرّون به إلى ھكذا نوع من الموسيقى.

 في بداية الأمر كان محمد یبحث عن الموسيقى التي ترضي ذوقه الخاص إلا أنه ومع مرور الوقت وانتقاله للعيش في الخارج اكتسب المزيد من الخبرات والمعرفة التي نمت معه من خلال تعرفه على شعوب من مختلف الثقافات والأعراق و التي بدورها أثقلت خبرته ووسّعت مخيلته الفنية.

الموسيقى يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في تحفيز الناس وزيادة الوعي لديهم لما تحثّه في مضمونها على التأمل، الموسيقى لغة حسيّة تجمع بين الشعوب لكل ما هو بعيد عن التعصب أو البغض أو التهميش، الموسيقى هي صوت الحياة، صوت اللحظة، وصوت التحرر من كل ما هو سلبي، لذا فهي بحقّ غذاء الروح وصوت الجمال.

قصة نجاح محمد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. كل ما يحتاجه الشباب هو بعض الاهتمام من المسؤولين وتقديرًا لجهودهم. المناطق المهمشة مليئة بالمواهب، قليلٌ من الانتباه والدراية يُمكن أن يُغير حياة بعض الشباب ويوصلهم إلى العالمية.

كارلا حمزة