وجهٌ جديدٌ للسرقة.. السوق السوداء تطال الطوابع

  • ميسا قصاب جبوليبواسطة: ميسا قصاب جبولي تاريخ النشر: الخميس، 15 سبتمبر 2022 آخر تحديث: الأحد، 25 ديسمبر 2022
وجهٌ جديدٌ للسرقة.. السوق السوداء تطال الطوابع

ليس بجديد، اعتاد اللبناني على السرقة والنهب، وباتت بصمات السوق السوداء تدمغ كل تفاصيل حياته. أسياد هذه السوق غير الشرعية لا يرف لهم جفن، رغم كل ما يمرّ على اللبنانيين من مآس. وفيما تتحكم هذه السوق  بليرتنا وصحتنا ولقمتنا، تقف السلطة عاجزة عن وضع حدّ لهذا الفلتان.
حال الفوضى العارمة ضربت الطوابع المالية، وملفها تقف وراءه صفقة، كالكثير من الملفات التي يستحكم الفساد في تفاصيلها.

 إحدى حلقات الفساد، يواجهها المواطن في مراكز المعاملات الرسمية، حيث يجد على أبواب بعض المحال التي كانت تبيع الطوابع لافتات يكتب عليها "لا توجد طوابع"، وعند سؤالك أحد المارة سيجيبك: هناك تجدها.
  هناك رجل في الخمسينات من عمره، قرّر أن يختار السمسرة عملاً خاصاً له، وعلى الأرجح أنه من عمّال السوق السوداء. عندما تسأله عن الطوابع سيجيبك حتماً: "ليك يا حبيبي، طوابع ما في، مقطوعين من فترة بس إذا بدك بدبرلك كم طابع بس بدك تدفع زيادة..." محاولاً أن يقنعك بأنه "سيسرقك" بشرف. 
فكم هو المبلغ الزائد؟ هنا تفرق حسب المناطق، فالبقاع والشمال وبيروت، هي أكثر المناطق التي تظهر فيها السوق السوداء بالطوابع. فطابع الألف أصبح مثلاً بـ10 آلاف أحياناً، وطابع ال5 آلاف أصبح بثلاثين ألفاً، فيما طابع العشرين ألفاً أصبح بـ100 ألف وأكثر.

في كل فترة يبتكر أصحاب السوق السوداء "بدعة" ليخدعوا بها الناس، وأصبحت لهؤلاء الجشعين مهنة جديدة. وبذلك، أصبحت اليوم أسعار الطوابع وفق سعر السوق السوداء، فعند احتكارها لرفع سعرها لن تعود إلى سعرها الرسمي بعد توفرها في السوق مجدداً، وكل ذلك لعبة "ذكية" فقط لرفع سعرها.

هذا ما أكده المختار في قضاء بعبدا محمود فرحات في حديث خاص لموقع البلد أونلاين قائلاً: "منذ أن بدأت أزمة الطوابع، ونحن كمخاتير لم نعد نجد البائعين الرسميين المعتمدين من قبل وزارة المال، فنحن لا نملك معلومات عن كيفية خروج الطوابع من الوزارة ولكن من المؤكد أن هناك يداً خفية لديها خلفيات هدفها رفع الأسعار".

وأضاف : "أنا كمختار لا أجد طوابع على سعرها الرسمي، فأنا أيضاً أشتريها بسعر السوق السوداء من قهوة أو دكانة في بعبدا وطبعاً عند سؤالنا عن مصدرها لا أحد يجيب خوفاً على مصدر رزقهم". ولحل أزمة الطوابع، دعا فرحات وزارة المالية إلى زيادة الرقابة وطبع كميات كبيرة كافية للسوق وإعطاء هامش ربح إضافي للبائع، ما من شأنه أن يوقف تلقائياً السوق السوداء.
وفي ظل هذه الوقائع، يعجز المواطن عن إنجاز أي معاملة بدون طوابع، فالطابع يعد من الضروريات بالنسبة للبنانيين في تسيير أمورهم اليومية في الإدارات العامة والمؤسسات الخاصة.

سنتان ولم ييأس الفاسدون، سنتان والسلطة عاجزة عن محاسبتهم. والدولة تؤكد أن تسلم الطوابع يتم بحسب السعر الرسمي.  فأي جهة، في الدولة كانت أم خارجها، تستفيد من التلاعب بالأسعار بعيداً من خزينة الدولة؟ هل من جواب؟ أم أن هذا أيضاً وجه من وجوه الانهيار والتدهور السريع لما تبقّى من الدولة؟!