لو زال منك الأنا لاح لك من أنا

  • تاريخ النشر: الخميس، 25 أغسطس 2022
لو زال منك الأنا لاح لك من أنا

عندما اجتمع جلال الدين الرومي مع شمس الدين التبريزي ، كان الأول ماسكا بيده كتاباً، فأخذ التبريزي الكتاب من الرومي وأمسكه بالمقلوب، وراح يتطلع فيه ثم رماه في النهر !.. فجن جنون الرومي، وقال له : لماذا ألقيته في النهر ، إنه علم،ولا توجد نسخة أخرى من الكتاب؟!
 غير أن التبريزي لم يكترث لحديث الرومي، وقال له: أتريد الكتاب ؟ فأجابه : نعم.. فمد  يده في الماء وأخرج الكتاب سليماً.. فتعجب الرومي.. وقال له التبريزي : أطلب علماً لا يمحوه الماء..علماً يثبت في القلب . فذهل الرومي، وقال له : أتبعك على أن تعلمني ، فقال التبريزي : إنك لن تستطيع معي صبرا ، فقال الرومي : بل اصبر . فرد التبريزي :  أريدك أن تأخذ جرة من الخمر وتطوف في المدينة لتبيعه !..فقال الرومي :  كيف أعمل هذا المحرم ؟ فأجابه : كما تشاء ..  فقال الرومي : أطلب مني شيئا آخر. فقال له لا أريد غير هذا ..
 ذهب الرومي ومكث الليل يفكر في الأمر ثم وافق.. فأخذ جرة الخمر بملابسه وعمامته وهو يجوب الشوارع يبيع الناس الخمر ، فقال بعضهم  جُن الرجل، وقال آخرون إن الله فضحه  وهذه حقيقته ، فعاد إلى التبريزي وهو منكسر ذليل، وقال له : لم يشترِ مني أحد .. فأجابه :  هذا يكفي ألقِ ثيابك واغسلها ، وتطهر . فقال الرومي : ثم ماذا ؟ فقال لا شيء ..أنت الآن إنسان عادي كنبتةٍ صغيرة ، لقد كان على رأسك صخرة كبيرة من غرور عمامتك ، وها قد كسرتها . أنا أردت أن أزيل عنك هذا العجب والأنا ، لترجع إلى حقيقتك بلا عنوان ولا ألقاب، ترجع كما أنت وتنزع عن روحك كل ما يكدرها ، وأن تذهب هذه الهيبة المصطنعة لرجال الدين على أنهم مقدسون في أعين الناس.
ومن هنا كانت البداية …ومن هنا كان الإبداع ..وكانت مقولة مولانا: لو زال منك الأنا ..لاح لك من أنا ..