لبنان على مفترق..الانهيار أو صندوق النقد

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 آخر تحديث: الأربعاء، 03 أغسطس 2022
لبنان على مفترق..الانهيار أو صندوق النقد

بخطوات واثقة، يمضي لبنان على مسار الانهيار الشامل لمؤسسات الدولة ولجميع القطاعات الخدماتية والمنتجة فيه. ومع عجز حكومة تصريف الأعمال عن اتباع نهج اقتصادي عادل يرفع الضرر عن أكتاف الشعب المثقل بالأزمات، لم يبق من ملاذ إلا صندوق النقد الدولي. فما هو هذا الصندوق وماذا ينتظر اللبنانيون في المرحلة المقبلة.

أُنشئ صندوق النقد الدولي أساساً لمساعدة الدول التي تعاني من انهيارات اقتصادية، وهو يهتم بالأزمات الاقتصادية العالمية مثل تلك التي حصلت في العام 1929 وباتت تعرف لاحقاً بـ "الكساد الكبير". ويعتبر الصندوق المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي، إذ يحدد كيف تتم المدفوعات المستحقة بين الدول المانحة والدول المفلسة، ويشرف على نظام أسعار الصرف بالنسبة للدولار الأميركي بهدف تحقيق التعاون في مجال النقد ومنع وقوع الأزمات في الاقتصاد العالمي. كما يعمل الصندوق على تقديم المشورة والتدريب والقروض المالية للدول عند الطلب ومراقبة اقتصادها الكلّي.

وقد أعلن صندوق النقد الدولي أخيراً التّوصّل إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة اللبنانية (تصريف الأعمال) من أجل تسهيل الحصول على قرض مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار مقسّمة على 46 شهراً أي حوالي 4 سنوات تقريباً، في خطوةٍ يرى الوزير السابق شربل نحاس عبر البلد أونلاين أنّها تُحمّل المجتمع المزيد من عواقب الانهيار. ويعتبر أنّ "وظيفة الصندوق هي أن يديّن الدول المفلسة عبر قروض قصيرة الأمد، ولديه قدرة على أن يفرض على هذه الدول شروطاً (توصيات) غايتها الأولى تكمن في استرداد أمواله، وبالتالي فإن الدولارات التي سيديّنها لبلد معيّن لا يمكن له أن يتصرف بها بقرار مستقل، لهذا السبب يوجد "الكابيتال كونترول"، بالإضافة إلى طلبه من الدولة تخفيض إنفاقها وزيادة ضرائبها على المواطنين لتخفيض نسبة الاستهلاك والاستيراد ولضمان إبقاء كمية من الدولارات داخل البلد باستطاعته استردادها".

ويتابع نحاس حديثه عن قيمة القرض الذي حكي عن إمكان منحه من قبل صندوق النقد للبنان، ويوضح أنه " يساوي نصف القيمة التي قدّمها مصرف لبنان للمصارف في العام 2016 ضمن السياسات المالية". ويؤكد أنّ "ثلاثة مليارات دولار تساوي أقل من قيمة سدس المبالغ التي صرفت من الموجودات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان تحت عنوان الدعم من العام 2019 إلى اليوم".

من هنا يحمّل الوزير السابق المسؤولية للمنظومة السياسية والمالية المتعاقبة، والتي يصفها اليوم بالمفلسة والعاجزة. ويلفت النظر إلى أنّ "الاعتبارات الفردية في حالتنا غير نافعة، فالودائع الفردية والمدخرات الاجتماعية أي أموال الصناديق التي لم يبقَ منها إلا القليل بالإضافة إلى الذّهب أو الموجودات الخارجيّة هي الذخيرة الوحيدة المتبقّية، لنستطيع جماعياً تأسيس مجتمع مطمئن ووطن قادر على إدارة نفسه".

في المقابل، يشير الكاتب الاقتصادي باسل الخطيب عبر البلد أونلاين إلى أن الاتفاق الذي أعلن عنه صندوق النقد، هو اتفاق غير ملزم لكلا الطرفين، بل "هو الخطوة الأولى في المسار الصحيح بعد جولات من التفاوض، لكن هناك خطوات لاحقة يجب أن تستتبع من قبل الدولة ليصبح الاتفاق مثمراً، أبرزها السير بالإصلاحات المالية والسياسية ومكافحة الفساد، من هنا يوقّع الاتفاق رسمياً، مع العلم أن لبنان لن يحصل على أي دولار قبل العام 2023".

ويعتبر الخطيب أن أهمية الاتفاق ليست في القيمة التي سيمنحها الصندوق، إنما في "إعادة الثقة بلبنان من الدول الصديقة وقد تتجسد باستثمارات اقتصادية تخفف من وطأة الانهيار الاقتصادي".

كل هذا يؤكد أن المرحلة المقبلة التي تنتظر اللبنانيين لن تكون مزروعة بالورود والرياحين، بعد الغياب التّام لأي خطط بنيوية تحمّل الخسارة للفئة التي حققت أرباحاً طائلة طوال السنين الماضية على أكتاف 99% من الشعب اللبناني، وصولاً إلى توصيات صندوق النقد الدولي القاسية.

ريان زيتوني