الهياكل الحجريّة للصحراء العربية.. لغز وطقوس غامضة

  • تاريخ النشر: الجمعة، 17 مارس 2023
الهياكل الحجريّة للصحراء العربية.. لغز وطقوس غامضة

ربما اقتربنا من فهم سبب بناء مئات الهياكل الحجريّة الكبيرة عبر صحاري شمال غرب السعودية منذ آلاف السنين.

ووفقاً لتحليل جديد متعمّق، تم استخدام الهياكل المستطيلة الغامضة من قبل أناس العصر الحجري الحديث لإقامة طقوس غير معروفة، وإيداع قرابين حيوانية.

وكشفت التنقيبات عن مئات الشظايا من بقايا الحيوانات، متجمعة حول لوح قائم من الحجر يُفسر على أنه مقدس.

وأثارت الآثار التي يبلغ عمرها حوالي 7,000 عام والمعروفة باسم Mustatils (كلمة عربية تعني المستطيلات) حيرة علماء الآثار منذ أن جذبت الاهتمام العلمي في السبعينيات.

ومع ذلك، لم يتم الكشف عن المدى الكامل لانتشارها عبر شبه الجزيرة العربية إلّا في عام 2017 في أول ورقة علميّة توثّق اكتشافها. وساعدت المسوحات الجوية في تحديد أكثر من 1,600 مستطيل، أحياناً في مجموعات، منتشرة في جميع أنحاء الصحراء.

وهي تلقب بـ "البوابات" بسبب مظهرها من الجو، حيث وصفت المستطيلات في تلك الورقة على أنها خطّان قصيران وسميكان من الحجارة المتكدّسة، متوازيان تقريباً، ومرتبطان بجدارين أو أكثر أطول وأرق.

وتتكوّن من منصتين قصيرتين وسميكتين، متصلتين بجدران منخفضة بطول أكبر بكثير، يصل إلى 600 متر (2000 قدم)، ولكن لا يزيد ارتفاعها عن نصف متر (1.64 قدماً).

وعلى الرغم من أن الطرف غالباً ما ينهار، فإن أحد الطرفين القصيرين يشكل مدخلاً، بينما يحتوي الآخر على غرف تتراوح حجماً. إلا أن الغرض من استخدام هذه الغرف غير معروف حتّى الآن، ووجود غياب غريب للأدوات داخلها وحولها.

ويعتقد علماء الآثار أن هذه المجموعة من الخصائص تشير إلى أن استخدامها لم يكن مفيداً، فالجدران المنخفضة ونقص الأسقف عوامل تجعلها غير مناسبة كحظائر للماشية أو كمرافق تخزين، على سبيل المثال.

وما يمكن أن تحتويه في بعض الحالات هو ألواح حجرية قائمة ومزخرفة، وكذلك نثر عظام الحيوانات. ويتميّز عدد من mustatils أيضاً بفناء طويل.

الهياكل الحجريّة للصحراء العربية.. لغز وطقوس غامضة

أمّا الباحثون، فقد أكّدوا أن الأدلة من الموقع تشير إلى أن تقليد المستطيلات mustatil يتميّز بتقاطع المعتقدات وأساليب الحياة الاقتصادية. ويشير دمج هذين الجانبين إلى تشابك أيديولوجي عميق الجذور، أحدهما كان مشتركاً على مسافة جغرافية شاسعة، ما يشير إلى مشهد وثقافة أكثر ترابطاً مما كان يُفترض سابقاً في العصر الحجري الحديث في شمال غرب شبه الجزيرة العربية.

وفي عام 2019، قام فريق دولي من العلماء بقيادة عالمة الآثار ميليسا كينيدي من جامعة أستراليا الغربية بالتنقيب عن موطن من الحجر الرملي يبلغ طوله 140 مترا بالقرب من العلا، يُسمى IDIHA-F-0011081، وجمع أجزاء من المواد وفهرسة الميزات المختلفة للنصب.

وعلى رأس mustatil - الطرف القصير الذي يضم غرفاً - وجدوا مساحة بها ألواح حجرية قائمة. كما جمعوا 260 قطعة من عظام الحيوانات والأسنان والقرون، معظمها متجمعة حول اللوح الحجري.

وحدّدوا 246 من هذه الشظايا، والأكثر إثارة للاهتمام، أن قطع العظام كانت حصرياً من جماجم الحيوانات، مأخوذة من الماعز والغزلان والمجترات الصغيرة والماشية الداجنة.

ويقول الفريق إن هذا يشير إلى أن اللوح الحجري هو ما يُعرف باسم بيتيل - وهو حجر مقدس يمثّل إله أو آلهة الناس الذين عاشوا في المنطقة منذ آلاف السنين، مع وضع رؤوس الحيوانات كقرابين طقسية.

ولم يتم العثور على هذه الحجارة الثابتة في جميع mustatil، ولكن يعتقد الباحثون أنها كافية لتكون مهمة.

ويُظهر التأريخ بالكربون المشع مجموعة من التواريخ، ما يشير إلى أن الموقع كان قيد الاستخدام لفترة طويلة من الزمن، من حوالي 5307-5002 قبل الميلاد، إلى 5056-4755 قبل الميلاد.

تم تمويل البحث من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا ونشر في PLOS ONE.

الهياكل الحجريّة للصحراء العربية.. لغز وطقوس غامضة