بين الانقسام والتنوع هذه هي أخلاقيات نواب "التغيير"

  • تاريخ النشر: السبت، 22 أكتوبر 2022
بين الانقسام والتنوع هذه هي أخلاقيات نواب "التغيير"

على ضفاف الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، يشهد مجلس النواب تباينات واختلافات في وجهات النظر، بحسب رؤية ومبادئ كل فريق سياسي، نتج عنها عدم وجود أكثرية محدّدة داخل المجلس. إلّا أن المشهد اللافت في كل ذلك، كان التباين داخل "البيت التغييري" نفسه، الذي من المفترض أن يكون متماسكاً لتحقيق خرق إيجابي في سير عمل المؤسسة التشريعية الأم، كما يتمنى ويريد الشارع الثائر الذي انتخب هؤلاء النواب. وقد  وصل هذا التباين حدّ الخلاف بين أعضاء التكتل، الذي يبدو أنه يعاني من تخبّط واضح، بدأ بانسحاب النائب ميشال دويهي منه "نهائياً"، مروراً بغياب الموقف الموحّد في ما بينهم، ووصولاً إلى سجالاتهم التي دارت في العلن. فهل انقسم التكتل إلى " تكتلين" ؟

في محاولة للاطلاع على موقف النواب التغييريين، اتصل البلد أونلاين بهم، فلم يرد بعضهم، مثل النواب : سينتيا زرازير، ووضاح صادق، وبولا يعقوبيان، وميشال دويهي. وتعاطى النائب مارك ضو بأسلوب غير لائق، إذ رفض الحديث وأقفل الخط بوجهنا ، وهنا كانت المفاجأة بشخصيات ادعت القرب من الناس واحترام حرية الإعلام! فهل أصبح ضو "زعيماً"؟ 
في المقابل رد النائب إبراهيم منيمنة على الاتصال، لكنه فضل عدم الخوض في الموضوع. أما النائبان  حليمة قعقور وفراس حمدان، فقد تجاوبا وخاضا في التفاصيل.

واعتبرت قعقور أن الإعلام يضلل الرأي العام في ما خص موضوع الصراع داخل التكتل، لافتةً إلى أن الاختلاف واضح منذ مرحلة "شارع الثورة"  قبل وصول النواب التغييريين إلى الندوة البرلمانية، وهم بدورهم كنواب يعكسون هذه الآراء، رافضةً مقولة أن التكتل خذل الثورة. وأضافت أنها (الثورة) لا تعبّر عن رأي أو شارع واحد، بل منذ البداية كانت تعكس  شوارع واختلافات، مشيرةً إلى أن أعضاء التكتل اتفقوا على عدم "شيطنة" الاختلاف.
وتابعت قعقور:" ليس لدينا زعيم ولا نتبع أي محور أو سفارة، وهذا ما يسمح لنا بممارسة عملية ديمقراطية حقيقية، يجب النظر إليها بإيجابية، فبالطبع سيكون هناك اختلافات". 

وعن نقاط الاختلاف الجوهرية، شددت على أن هذه ليست كتلة بل تكتل، لأن الكتلة تعبّر عن توجّه واحد، ما يعني إجراء عملية تصويت، ويتم السير بالأغلبية في هذه الكتلة. وأضافت أنه في التكتل يفسح المجال للاختلاف الموجود، وهذا يعكسه كل نائب إزاء أي إطار سياسي واقتصادي ، قائلةً إن "المقاربة الموجودة مختلفة، كما أن هناك اختلافات كثيرة، لكننا نحاول جميعاً أن نجتمع على نقاط موحدة، كما أن هناك نقاطاً مشتركة".
وعلّقت قعقور على الكلام  السائد عن انقسام التكتل إلى "تكتلين"، قائلةً:"هناك بعض النواب يتشابهون بالأفكار، لكن هذا لا يعني أبداً أن هناك انقساماً بالمقاربة وأننا أصبحنا تكتلين مختلفين".

وعلى مقلبٍ آخر، علّق النائب فراس حمدان على خبر انسحاب زميله في التكتل ميشال دويهي، وقال في اتصالٍ مع البلد أونلاين :"لم ينسحب دويهي من التكتل، ولم يحصل أصلاً اتحاد داخله، هو فقط انسحب من آلية العمل في التكتل، وبالتالي لم يذهب إلى مكانٍ آخر، وما زال ينضم إلى لقاءات التكتل". وشدد على أن التكتل لم يتشتت ولم ينقسم إلى "تكتلين"، مشيراً إلى  جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الخميس الماضي، "حيث كان هناك قرار موحد حول التصويت".

لكن الاختلافات وربما الخلافات واضحة، إذ يكفي التذكير بأنه خلال الاستشارات النيابية الملزمة، انقسم قرار أعضاء التكتل، فمنهم من سموا السفير نواف سلام، فيما الآخرون لم يسموا أحداً. وفي هذا الإطار، أشار حمدان إلى أنه  "كان لدى البعض موقف متمايز عن التكتل حول هذه المرحلة، وهذا الشيء صحي وطبيعي في أي تكتل سياسي متنوع وله مقاربته السياسية، وحيثيته السياسية مشدداً على أن "الـ13 نائباً هم نواب أحرار لم يتلقوا أوامر من أحد". وأضاف أن التكتل لم يأخذ طرفاً سياسياً مع فريق ضد آخر، وبرر ذلك بأن من يسمون "قوى المعارضة" يهاجمون التكتل مضيفاً أن الأخير خارج كل هذه التركيبة. وعن اجتماع بعض نواب التغيير مع الأحزاب المعارضة لفريق 8 آذار، لفت حمدان إلى أن هذا الاجتماع كان ضمن إطار تشريعي، وحول جدول الأعمال في المجلس وليس له طابع سياسي.

وعن نقاط الاختلاف الجوهرية، أكد حمدان أنه "لا يوجد نقاط اختلاف جوهرية في التكتل، بل الاختلاف يتمثل بالمقاربات والأسلوب والطريقة، لكن نحن متفقون على معظم الأهداف، فالاختلاف هو أساساً بالتكتيك السياسي".
ويبقى السؤال هل يمكن أن يلغي ما يسمى "تنوعاً" المبدأ الأساسي للتغييريين ؟ أم أنه سيقف عائقاً أمام تحقيق الهدف الأساسي الذي انتخبهم من أجله الشعب، وهو تحقيق خرق حقيقي يلغي المحاصصات السياسية، ويجعل مصلحة الوطن وقضايا الناس فوق كل اعتبار.